ان الظنون لأيجاد الحلول أمر شائع في الوجود والمقصود بالظنون هنا المعتقدات والقناعات الفاسده. فكثير منا عند تصفحه لخطوات حياته أو لتقاليده أو ادبياته بشكل عام يجد ظنون من بين السطور تحرك شيئآ ما بداخله فيبدأ في تنسيقها وتكيفها على ماهوت له النفس وعلى مآلت ليه الجروح ثم يتبناها من بعد ذلك ليقوم بتعميمها وتوزيعها على الأخرين وهذا جور في حق نفسه وظلم للأخرين.
ان مبدأ المشاركه له معاني ساميه لانستطيع ان نصلها بعقولنا الواعيه فالوصول للحقائق أمر يحتاج جهد في التحري لها وهذا لن يتم الا بطرق ومنها المشاركه.
وفي هذا يشاركونا الكثيير والكثير من العامه فهي كالخيوط متصله ببعضها البعض!!!
فبكل أمانه
لا أعرف مظلوماً تواطأَ الناس على هضمه , وزهدوا في انصافه كالحقيقة !! ما أقل عارفيها , من يقدِّرها ويُغالي بها ويعيش لها !!
إنَّ الأوهام والظنون هي التي تمرح في جنبات الأرض وتغدو وتروح بين الألوف المؤلفة من الناس .
يقول الامام الغزالي رحمه الله
هناك ألوف الصحف والإذاعات تموج بها الدنيا صباحاً ومساءً , لو غلغلت النظر فيما ينطقها ما وجدت إلا حقاً قليلاً , يكتنفها ظن كثيف.
في مجال العقيدة كم من دين قام على إشاعة كاذبة أو خرافة سمجة . وفي ميدان السياسة كم من هوى جعله الجور عدلاً , وقوة أحالت الخير شرّاً .
ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولكل معتصم بالصدق في مجتمع طافح بالزيغ :
(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) وقال عز وجل :
( فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بـئاياتنا والذين لا يؤمنون بالاخرة وهم بربهم يعدلون ) وقال عز وجل :
( وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون )
وجديرٌ بالانسان في عالم استوحش فيه الحق أن يجتهد في تحريه , وأن يلتزم الأخذ به , وأن يرجع إليه كلما بعدته التيارات عنه . ولعل هذا هو السر في أن الله طلب إلى كل مؤمن أن يسأله الهدى , وكلفه ألا يسأم من تكرار هذا السؤال حيناً بعد حين .
ففي كل صلاة مفروضة أو نافلة يقف المرء بين يدي ربه يقول :
( اهدنـا الصراط المستقيم + صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين )
ماهو هذا الصراط المستقيم ؟
إنه المنهج الذي يشقه المرء لنفسه بين مشكلات الحياة , والخط الذي يلتمس فيه الصواب بين وجوه الرأي . وكلما استمسك المرءُ بعرى الاستقامة , واستكشف الحق فيما يعرض له من مسائل اليوم والغد , فإنه يكون أدنى إلى التوفيق . والاهتداء إلى الحق , والثبات على صراطه يحتاج إلى جهد ودأب , ويحتاج كذلك إلى استلهام طويل من عناية الله .. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزَبَهُ أمرٌ جنح إلى الصلاة , يضم إلى عزيمته وجلده حول الله وطوله .
وقد يخيط المرء في الدنيا ويصحبه خداع النظر في تقديره للحقائق المحيطة به .
ومعنى التصور الخاطئ للأشياء أن ينتقل المرء من ضلال إلى ضلال ,
وألا يحسن السلوك بإزاء أي واجب يُناط به أو أزمة يقف أمامها . والله عز وجل نهى الإنسان عن الشرود وراء الأوهام والتخمينات فقال سبحانه : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا ) . فليستخدم الإنسان فكره وحواسه في تعرف ما حوله , وليقرر خطة سيره بعيداً عن الظنون والتخرصات .
قال ديل كارينجي :
بقي أن نتعلم الخطوات الثلاث التي يجب اتخاذها لتحليل مشكلة ما والقضاء عليها , وهذه الخطوات هي :
1-استخلص الحقائق .
2-حلل هذه الحقائق .
3-اتخذ قراراً حاسماً .
وقال : أنه لا مناص من اتخاذ هذه الخطوات إذا كان علينا أن نحل المشكلات التي تعيينا , والتي تحيل أيامنا وليالينا جحيماً لا يطاق . والخطوة الأولى تفرض علينا التأمل الهادئ فيما حولنا لتجميع الحقائق الواضحة , وإرساء سلوكنا على قواعدها . وجمع هذه الحقائق واجب , وإن كان صعباً على الإنسان . ولكن لماذا يكون ذلك صعباً على الإنسان ؟
لأن حب الشي يعمي ويصم وكذلك كرهه . مثل المحبة والكراهية أغلب الانفعالات النفسية التي تسيطر على تفكير المرء , تجعله يلون الحياة بإحساسه الخاص , فلا يستطيع أن يراها كما هي . وقد يضل المرء عن الحقيقة لانطوائه مع عرف سائد أو لاسترساله مع نظرة سابقة لا أساس لها . وإذا خدع المرء عن الحقيقة ,, فكيف يوفق إلى حل صحيح لمشكلات الحياة ؟! واندراج الناس في مطاوي الغفلة وهم لا يشعرون هم حكمةُ ختم آيـات كثيرة جداً في القرآن الكريم بهذا التذييل :
( كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) ( كذلك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تعقلون )
وكأن ديل كارينجي يشرح هذه الآيات إذ يقول :
إننا قلّما نُعنى بالحقائق , وإذا حدث أن حاول أحدنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيد منها ما يُعَضِّد الفكرة الراسخة في ذهنه , ولا يبالي بما ينقصها , أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوغ عمله , وتتسق مع أمانيِّه , وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها .
يقول أندريه موروا :
كلُّ ما يتفق مع ميولنا ورغباتنا الخاصة يبدو معقولاً في أعيينا , أما ما يناقض رغباتنا فإنه يشعلنا غضباً . فهل من المستغرب والحالة هذه أن يصعب علينا الوصول إلى حل مشكلاتنا ؟! فما العلاج ؟ العلاج أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا , وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة . والخطوة التالية لجمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقيها , وضبط النفس أمام ما يظهر محيراً أو مروعاً منها , فإن الفرق من الأحداث ينتهي حتماً بالغرق في لجتها . وحياة عدد كبير من القادة والأبطال تحفل بالمآزق التي لم يُنَجِّ منها إلا تقييد الرهبة و إطلاق العقل . عندما أوشك القتال أن ينشب في حرم مكة بين المسلمين والمشركين , والتقت عوامل الاستفزاز بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه وهم بالحديبية يريدون العمرة , كظم النبي صلى الله عليه وسلم على ما أحس من حزن , وأمر أصحابه أن يطرحوا الريبة والهم , وأن يقبلوا معاهدة تصون الدماء وتنشر الأمان على ما بها من قيود تعنتهم .
وفي ذلك نزل قول الله تعالى : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً ) وكلمة السكينة هذه تكررت في مواضع كثيرة , وهي حيثما وُجدت تشير إلى ما يبثه الإيمان في النفوس من طمأنينة مرجعها الأنس بالله والركون إلى قضائه , والاستظهار بعونه كلما راب أمرٌ , أو أظلم أفق . قد يجد المرء نفسه أمام سلسلة من الفروض المقترحة للخروج من أزمة طارئة , وقد يقلِّب النظر فيها فيجد أن أحلاها مر , كالمستجير من الرمضاء بالنار , وقد يدور حول نفسه فلا يرى مخلصاً أو يرى المخلص فادح التضحية .
ومثل هذه الأفكاروالقناعات تتكاثر وتتراكم مع ضعف الثقة بالله وبالنفس . أما المؤمن فهو يختار أقرب الفروض إلى السكينة والرشد ثم يقدم ولا يبالي ما يحدث بعد ذلك , وعلى لسانه هذه الآية : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) . فإذا عرف الإنسان الحقائق المتصلة به وسبر غورها جميعاً دون دهشة أو روع , بقيت أمامه الخطوة الأخيرة ,,, وهي أن يتصرف وبحزم وقوة , وأن ينفذ القرار الذي انتهى إليه بعزم صادق . كثير من الناس لا يعوزهم الرأي الصائب , فلهم من الفطنة ما تكشف أمامهم خوافي الأمور . بيد أنهم لا يستفيدون شيئاً من هذه الفطنة , لأنهم محرومون من قوة الإقدام , فيبقون في مكانهم محسورين بين مشاعر الحيرة والارتباك .
.....إن للبحث والتبصر أجلاً يتضح بعده كل شيء ولايبقى إلا للعمل السريع وفق ما هدت إليه الرؤية . قال تعالى :
( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )
إن مرحلة المشورة في أمر ما لايجوز أن تستمر أبداً بل هي حلقة تسلِّم إلى ما بعدها من عمل واجب . فإذا تقرر العمل فلنمضِ في إتمامه قُدُماً ولنقهر علل القعود والخوف ولنستعن بالله حتى نفرغ منه . سٌئل أحد رجال الأعمال كيف كنت تنفذ قراراتك ؟ فأجاب : لقد وجدت التفكير المستمر في مشكلة ما إلى أبعد من مدى معين يخلق القلق , ويولد الاضطراب , فإنه يأتي وقت تصبح فيه المداومة على التفكير ضرراً يجب اجتنابه , فمتى اتخذت قراراً عمدت إلى تنفيذه دون أن أتطلع البتة إلى الوراء .
والحق أن الرجولات الضخمة لا تُعرف إلا في ميدان الجرأة .
فلندرس مواقف الحياة بذكاء ولنرسم منهاجنا للمستقبل على بصيرة , ثم لنرم بصدورنا إلى الأمام , لا تثنينا عقبة , ولا يلوينا توجس .
ولنثق بأن الله يحب منا هذا المضاء , لأنه يكره الجبنناء ويكفل المتوكلين..